جاء شهر رمضان المبارك وهلّت أيامه ولياليه مواكبة للإجازة الصيفية، وتفرغ الطلاب والطالبات.. وهو ما يعطي الفرصة لمنسوبي حقل التربية والتعليم من طلاب وأساتذة وإداريين وعمال ولأفراد الأسرة جميعاً لكي يتفرغوا للعبادة ويحافظوا على الصلوات جماعة في المساجد، وبخاصة صلاة التراويح والقيام التي يتكاسل عنها كثير من الشباب هذه الأيام.
ويقدم التحقيق الذي بين أيدينا عدة أفكار لبرامج ووصايا تعين الصائم وتحفزه على استثمار وقت الإجازة بما يعود عليه بالنفع والفائدة وبما يضاعف له في الأجر والثواب.
للنساء كلمة
الدعوة تجولت في بعض المساجد والتقت بعض النساء وسألتهن عن مدى استفادتهن من إجازة المدارس في رمضان..
تؤكد هند محمد قائلة: إن توافق رمضان مع الإجازة يجعلها تشعر بأنها تعيش شهر رمضان. بالإضافة لمساعدتها أمها في أعمال المنزل.
أما أبو عبدالله فيقول: الإجازة في رمضان نعمة عظيمة علينا نحن الآباء وعلى أبنائنا فهم بحاجة للراحة والابتعاد عن أجواء المدرسة خاصة في هذا الشهر الكريم الذي يربي على العبادة وصلة الأرحام وقراءة القرآن والقيام.
وترى الأخت ش. أن الإيجابيات أكثر من السلبيات ويكفي أنه شهر عبادة وأكيد سنستغله بإذن الله.
وتضيف: إن من الإيجابيات في هذا التوافق تمكين الفتيات من مساعدة أمهاتهن في رمضان وتحمل مشاق الصوم لقلة الجهد واستثمار الوقت فيما يفيد بشكل أكبر كحفظ القرآن وقراءته
كما أكدت أخريات على أن هذا التوافق يساعد على الذهاب إلى صلاة التراويح بشكل يومي.
واتفق الكثير من الطالبات على أن لرمضان نكهته الخاصة في الصيام وقراءة القرآن الكريم والمسير للمسجد لأداء صلاة التراويح والقيام، وكذلك الاستفادة من اجازة رمضان في صلة الرحم والزيارات التي تحرص عليها العائلة بعد صلاة التراويح.
وأكدت سارة الخضري (طالبة جامعية) على أنها استطاعت الخروج بثمار عديدة، قائلة: “قررتُ هذا العام بعزم أن أستفيد من شهر رمضان؛ على التمسك بسلوكيات طيبة مع ربي ومع نفسي ومع المجتمع من حولي”.
وتتابع: “أجواء رمضان وقراءة القرآن وصلاة التراويح وغيرها من العبادات جعلتني أتغير نحو الأفضل، وأتمنى أن أستمر إلى ما بعد رمضان”
أم خالد السراج (ربة بيت) خرجت بثمار وصفتها بالرائعة: “بشيء من الإرادة والتصميم عزمت من بداية رمضان أن أتجه بنفسي نحو الأفضل، وأزيد من رصيد حسناتي.
وعن خطتها في رمضان قالت: مقاطعة المسلسلات، وحفظ القرآن وتدبر معانيه.
أفكار للاستثمار
يقترح فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله السويدان – إمام وخطيب جامع أسيد بن الحضير بالدمام ومدير مركز حي المزروعية عشرة برامج للأسرة ليتسنى لها استثمار رمضان، وهي:
اتفاق الأسرة على حفظ سور معينة مع المراجعة اليومية، واتخاذ وقت في اليوم أو الليلة لمراجعة تفسير الآيات جماعياً، وبرنامج حفظ لبعض الأحاديث النبوية مع قراءة الشروح، والمشاركة الفاعلة في برامج المسجد أو مركز الحي الخاصة برمضان، وأداء عمرة رمضان، والقيام بزيارات صلة رحم، وتدريب الفتيات على إعداد بعض الوجبات، وبرنامج مسابقة خاص بالأسرة، وجلسة ثقافية أسرية أسبوعية (سيرة، قصص تاريخية، أعلام، علوم عامة)، ومتابعة أحوال الفقراء في الجمعيات وغيرها.
فضائيات وذنوب
وعن أوقات شهر رمضان المباركة، وكيف يقضي كثير من العوائل للأسف معظم أوقاتهم أمام القنوات الفضائية المثقلة بالبرامج مع ما فيها من فجور وعري، هل الذنوب تتضاعف في هذا الشهر؟ وهل هذا يؤثر في الصوم؟
أجاب الشيخ الدكتور خالد المشيقح قائلاً: أنصح إخواني المسلمين بتعظيم شعائر الله – عزَّ وجلَّ – ، ومن شعائر الله – عزَّ وجلَّ – شهر رمضان، والله – عزَّ وجلَّ – يقول: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحج: 32]، ويقول – سبحانه – : {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} [الحج: 30]، ومن تعظيم شعيرة الصيام هو عدم اقتراف الذنوب فيها، وامتثال الأمر واجتناب النهي، والمبادرة والمسارعة إلى فعل الخيرات، من أداء الصلوات في أوقاتها في المساجد، وقراءة القرآن، والصدقة، وصلة الأرحام والبر بهم إلى غير ذلك. لأن الحكمة من مشروعية الصيام هي تقوى الله – عزَّ وجلَّ – ، كما قال – سبحانه – : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ّ} [البقرة: 183]. وهكذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – ، فكان يكثر من العبادات، من قراءة القرآن ومن الصلاة ومن الصدقة.
فينبغي على عموم المسلمين أن يعظموا شعيرة الصيام وهذا الشهر الكريم، وأن يتوبوا إلى الله – عزَّ وجلَّ – من مشاهدة هذه القنوات الفضائية، التي يهدف فيها أعداء الإسلام إلى إضلال المسلمين وإفساد عقائدهم وأخلاقهم؛ فإن الغالب أن القائمين على مثل هذه القنوات هم من اليهود أو النصارى، أو من أتباعهم من أعداء الإسلام، فعلى المسلم أن يتوب إلى الله – عزَّ وجلَّ – ، وأن يخرج مثل هذه الآلات من بيته، وأن يقلع عن الذنوب والمعاصي، وأن يغتنم فرصة هذا الشهر بكثرة العبادة، واللجوء إلى الله – عزَّ وجلَّ – ، وألا يضيع أوقاته ودقائقه الثمينة فيما يضره ولا ينفعه في الدنيا والآخرة. وأما بالنسبة للذنوب في شهر رمضان فإنها لا تتضاعف ولكن تعظم؛ فإن الذنب يعظم في الزمان الفاضل وفي المكان الفاضل، فذنب في رمضان ليس كذنب في شوال أو في شعبان، كما أن الحسنة في رمضان ليست كالحسنة في شوال أو في شعبان، الحسنات في رمضان تتضاعف، وأما الذنوب فهي تعظم، الذنب في رمضان يكون عظيماً عند الله – عزَّ وجلَّ – . نسأل الله – عزَّ وجلَّ – أن يمتن على المسلمين جميعاً بتوبة نصوح إنه ولي ذلك والقادر عليه.
سمات خيّرة
وحول أهمية الوقت وكيفية تنظيمه واستغلاله خاصة في هذا الشهر الفضيل تقول الأستاذة هيا الرشيد – مديرة موقع آسية: إن كثيراً من الفتيات يعتري تصرفاتهن بعض الخلل معظم شهور السنة، ويشوب سلوكهن اليومي كثير من الأخطاء، فيأتي شهر رمضان بسماته الخيّرة ليكون مميزاً لكل فتاة، فهو فرصة ذهبية لبداية جديدة، بداية لتصحيح المسار، وتجديد العلاقة مع الله عزَّ وجلَّ، وتحسينها مع الوالدين والإخوة في المنزل، ونبذ الخلافات مع ذوي القربى، والحرص على تقوية أواصر الأخوة والمحبة مع المعلمات والزميلات في المدرسة.
فلا ينبغي للفتاة المسلمة إضاعة الوقت في هذا الشهر، بل عليها مضاعفة العمل لتحصيل الأجر والثواب، ومن أهم الأشياء التي يجب عليها أن تنتبه لها لاستغلال هذا الموسم المبارك ما يلي:
- عدم إضاعة الوقت أمام شاشة التلفاز التي تضيع بركة الوقت وتهدر أثمن الأوقات، ومن المعروف أن الأنشطة التلفزيونية تزداد كثافة في هذا الشهر بهدف صرف أفراد المجتمع المسلم عن دينهم، فلا تكون فتاة الإسلام أداة لينة في أيديهم لتحقيق أهدافهم ومآربهم.
- المحافظة على الصلوات الخمس المفروضة في أوقاتها المحددة وعدم الانشغال عنها بتوافه دنيوية بحتة، قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً }.
- محاولة تنظيم الوقت بحيث يكون النوم منظماًَ بشكل طبيعي في الليل مع الحرص على صلاة القيام، ويكون النهار للعبادات وتلاوة القرآن الكريم مع الحرص على مساعدة الوالدة في الأعمال المنزلية، واستغلال هذا الوقت في سماع محاضرة أو قرآن في جهاز التسجيل.
- أن تصوم عن الطعام والشراب، وتصوم جوارحها عن كل ما يغضب الله تعالى.
- عدم الإسراف في تناول الأطعمة أو إضاعة الأوقات في إعدادها. قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }.
- الحرص على عدم الخروج للأسواق، وإذا كانت هناك حاجة ملحة للخروج فلا بد من الاحتشام والتستر والخروج مع محرم، وتجنب الأماكن المزدحمة؛ فالأسواق هي أبغض البقاع إلى الله كما ورد في الحديث الصحيح.
- تربية النفس والوجدان على سلوكيات صحيحة مفيدة كالتعاون مع جميع أفراد المجتمع على أعمال الخير، يقول تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }.
شوق دفين
ويقول فضيلة الشيخ د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو هيئة في جامعة القصيم: إن رمضان في ضمير المؤمن موسم قربة وإخبات، واستكثار من الأعمال الصالحات. وقد تعرض هذا الوعي الإيماني في السنوات الأخيرات لقدر من التشويه والانحراف؛ فصار في حس بعض الناس موسماً للتسوق والتفنن في الأكلات والوجبات، وعند آخرين مهرجاناً للأفلام والمسرحيات التي تقيء بها الفضائيات، ويقترن عند طائفة بذكر النوم والكسل وترك الأعمال والواجبات!! وكل هذا وذاك باطل ما أنزل الله به من سلطان، ولا كان من شأن أهل الإسلام، وإنما طرأ على مجتمعاتهم في غيبة من العلم وغفلة من الذكر، وهجمة من الذين يتبعون الشهوات
أنشد بعض السلف:
أتى رمضان مزرعة العبــاد
لتطهير القلوب من الفساد
فأدِّ حقوقه قولاً وفعـــلاً
وزادك فاتخذه للمعــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها
تأوه نادمـاً يوم الحصـاد
ولم يزل الصالحون يشبهون رمضان بالمزرعة، وحلولَه بالموسم، ومن شأن ذلك أن يستغل. قال ابن منظور: (استغلال المستغلات أخذ غلتها).
ولا يتم هذا الاستغلال، بشكل تام، إلا بتحقق ثلاثة أمور:
الأول: التهيؤ الإيماني لاستقبال هذا الشهر؛ بأن يورد المسلم على قلبه المؤثِِّرات الإيمانية من المحبة، والخوف، والرجاء، التي تؤهله لاغتنامه بالعمل الصالح.
الثاني: التخطيط الجيد للوقت، ورسم برنامج يومي متوازن لتحقيق المقاصد المختلفة.
الثالث: العلم الشرعي بمحبوبات الله ومراضيه التي ينبغي السعي في تحصيلها في هذا الشهر. وقد اجتمعت في هذا الشهر الكريم أمهات العبادات.
ويقدم التحقيق الذي بين أيدينا عدة أفكار لبرامج ووصايا تعين الصائم وتحفزه على استثمار وقت الإجازة بما يعود عليه بالنفع والفائدة وبما يضاعف له في الأجر والثواب.
للنساء كلمة
الدعوة تجولت في بعض المساجد والتقت بعض النساء وسألتهن عن مدى استفادتهن من إجازة المدارس في رمضان..
تؤكد هند محمد قائلة: إن توافق رمضان مع الإجازة يجعلها تشعر بأنها تعيش شهر رمضان. بالإضافة لمساعدتها أمها في أعمال المنزل.
أما أبو عبدالله فيقول: الإجازة في رمضان نعمة عظيمة علينا نحن الآباء وعلى أبنائنا فهم بحاجة للراحة والابتعاد عن أجواء المدرسة خاصة في هذا الشهر الكريم الذي يربي على العبادة وصلة الأرحام وقراءة القرآن والقيام.
وترى الأخت ش. أن الإيجابيات أكثر من السلبيات ويكفي أنه شهر عبادة وأكيد سنستغله بإذن الله.
وتضيف: إن من الإيجابيات في هذا التوافق تمكين الفتيات من مساعدة أمهاتهن في رمضان وتحمل مشاق الصوم لقلة الجهد واستثمار الوقت فيما يفيد بشكل أكبر كحفظ القرآن وقراءته
كما أكدت أخريات على أن هذا التوافق يساعد على الذهاب إلى صلاة التراويح بشكل يومي.
واتفق الكثير من الطالبات على أن لرمضان نكهته الخاصة في الصيام وقراءة القرآن الكريم والمسير للمسجد لأداء صلاة التراويح والقيام، وكذلك الاستفادة من اجازة رمضان في صلة الرحم والزيارات التي تحرص عليها العائلة بعد صلاة التراويح.
وأكدت سارة الخضري (طالبة جامعية) على أنها استطاعت الخروج بثمار عديدة، قائلة: “قررتُ هذا العام بعزم أن أستفيد من شهر رمضان؛ على التمسك بسلوكيات طيبة مع ربي ومع نفسي ومع المجتمع من حولي”.
وتتابع: “أجواء رمضان وقراءة القرآن وصلاة التراويح وغيرها من العبادات جعلتني أتغير نحو الأفضل، وأتمنى أن أستمر إلى ما بعد رمضان”
أم خالد السراج (ربة بيت) خرجت بثمار وصفتها بالرائعة: “بشيء من الإرادة والتصميم عزمت من بداية رمضان أن أتجه بنفسي نحو الأفضل، وأزيد من رصيد حسناتي.
وعن خطتها في رمضان قالت: مقاطعة المسلسلات، وحفظ القرآن وتدبر معانيه.
أفكار للاستثمار
يقترح فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله السويدان – إمام وخطيب جامع أسيد بن الحضير بالدمام ومدير مركز حي المزروعية عشرة برامج للأسرة ليتسنى لها استثمار رمضان، وهي:
اتفاق الأسرة على حفظ سور معينة مع المراجعة اليومية، واتخاذ وقت في اليوم أو الليلة لمراجعة تفسير الآيات جماعياً، وبرنامج حفظ لبعض الأحاديث النبوية مع قراءة الشروح، والمشاركة الفاعلة في برامج المسجد أو مركز الحي الخاصة برمضان، وأداء عمرة رمضان، والقيام بزيارات صلة رحم، وتدريب الفتيات على إعداد بعض الوجبات، وبرنامج مسابقة خاص بالأسرة، وجلسة ثقافية أسرية أسبوعية (سيرة، قصص تاريخية، أعلام، علوم عامة)، ومتابعة أحوال الفقراء في الجمعيات وغيرها.
فضائيات وذنوب
وعن أوقات شهر رمضان المباركة، وكيف يقضي كثير من العوائل للأسف معظم أوقاتهم أمام القنوات الفضائية المثقلة بالبرامج مع ما فيها من فجور وعري، هل الذنوب تتضاعف في هذا الشهر؟ وهل هذا يؤثر في الصوم؟
أجاب الشيخ الدكتور خالد المشيقح قائلاً: أنصح إخواني المسلمين بتعظيم شعائر الله – عزَّ وجلَّ – ، ومن شعائر الله – عزَّ وجلَّ – شهر رمضان، والله – عزَّ وجلَّ – يقول: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحج: 32]، ويقول – سبحانه – : {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} [الحج: 30]، ومن تعظيم شعيرة الصيام هو عدم اقتراف الذنوب فيها، وامتثال الأمر واجتناب النهي، والمبادرة والمسارعة إلى فعل الخيرات، من أداء الصلوات في أوقاتها في المساجد، وقراءة القرآن، والصدقة، وصلة الأرحام والبر بهم إلى غير ذلك. لأن الحكمة من مشروعية الصيام هي تقوى الله – عزَّ وجلَّ – ، كما قال – سبحانه – : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ّ} [البقرة: 183]. وهكذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – ، فكان يكثر من العبادات، من قراءة القرآن ومن الصلاة ومن الصدقة.
فينبغي على عموم المسلمين أن يعظموا شعيرة الصيام وهذا الشهر الكريم، وأن يتوبوا إلى الله – عزَّ وجلَّ – من مشاهدة هذه القنوات الفضائية، التي يهدف فيها أعداء الإسلام إلى إضلال المسلمين وإفساد عقائدهم وأخلاقهم؛ فإن الغالب أن القائمين على مثل هذه القنوات هم من اليهود أو النصارى، أو من أتباعهم من أعداء الإسلام، فعلى المسلم أن يتوب إلى الله – عزَّ وجلَّ – ، وأن يخرج مثل هذه الآلات من بيته، وأن يقلع عن الذنوب والمعاصي، وأن يغتنم فرصة هذا الشهر بكثرة العبادة، واللجوء إلى الله – عزَّ وجلَّ – ، وألا يضيع أوقاته ودقائقه الثمينة فيما يضره ولا ينفعه في الدنيا والآخرة. وأما بالنسبة للذنوب في شهر رمضان فإنها لا تتضاعف ولكن تعظم؛ فإن الذنب يعظم في الزمان الفاضل وفي المكان الفاضل، فذنب في رمضان ليس كذنب في شوال أو في شعبان، كما أن الحسنة في رمضان ليست كالحسنة في شوال أو في شعبان، الحسنات في رمضان تتضاعف، وأما الذنوب فهي تعظم، الذنب في رمضان يكون عظيماً عند الله – عزَّ وجلَّ – . نسأل الله – عزَّ وجلَّ – أن يمتن على المسلمين جميعاً بتوبة نصوح إنه ولي ذلك والقادر عليه.
سمات خيّرة
وحول أهمية الوقت وكيفية تنظيمه واستغلاله خاصة في هذا الشهر الفضيل تقول الأستاذة هيا الرشيد – مديرة موقع آسية: إن كثيراً من الفتيات يعتري تصرفاتهن بعض الخلل معظم شهور السنة، ويشوب سلوكهن اليومي كثير من الأخطاء، فيأتي شهر رمضان بسماته الخيّرة ليكون مميزاً لكل فتاة، فهو فرصة ذهبية لبداية جديدة، بداية لتصحيح المسار، وتجديد العلاقة مع الله عزَّ وجلَّ، وتحسينها مع الوالدين والإخوة في المنزل، ونبذ الخلافات مع ذوي القربى، والحرص على تقوية أواصر الأخوة والمحبة مع المعلمات والزميلات في المدرسة.
فلا ينبغي للفتاة المسلمة إضاعة الوقت في هذا الشهر، بل عليها مضاعفة العمل لتحصيل الأجر والثواب، ومن أهم الأشياء التي يجب عليها أن تنتبه لها لاستغلال هذا الموسم المبارك ما يلي:
- عدم إضاعة الوقت أمام شاشة التلفاز التي تضيع بركة الوقت وتهدر أثمن الأوقات، ومن المعروف أن الأنشطة التلفزيونية تزداد كثافة في هذا الشهر بهدف صرف أفراد المجتمع المسلم عن دينهم، فلا تكون فتاة الإسلام أداة لينة في أيديهم لتحقيق أهدافهم ومآربهم.
- المحافظة على الصلوات الخمس المفروضة في أوقاتها المحددة وعدم الانشغال عنها بتوافه دنيوية بحتة، قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً }.
- محاولة تنظيم الوقت بحيث يكون النوم منظماًَ بشكل طبيعي في الليل مع الحرص على صلاة القيام، ويكون النهار للعبادات وتلاوة القرآن الكريم مع الحرص على مساعدة الوالدة في الأعمال المنزلية، واستغلال هذا الوقت في سماع محاضرة أو قرآن في جهاز التسجيل.
- أن تصوم عن الطعام والشراب، وتصوم جوارحها عن كل ما يغضب الله تعالى.
- عدم الإسراف في تناول الأطعمة أو إضاعة الأوقات في إعدادها. قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }.
- الحرص على عدم الخروج للأسواق، وإذا كانت هناك حاجة ملحة للخروج فلا بد من الاحتشام والتستر والخروج مع محرم، وتجنب الأماكن المزدحمة؛ فالأسواق هي أبغض البقاع إلى الله كما ورد في الحديث الصحيح.
- تربية النفس والوجدان على سلوكيات صحيحة مفيدة كالتعاون مع جميع أفراد المجتمع على أعمال الخير، يقول تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }.
شوق دفين
ويقول فضيلة الشيخ د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو هيئة في جامعة القصيم: إن رمضان في ضمير المؤمن موسم قربة وإخبات، واستكثار من الأعمال الصالحات. وقد تعرض هذا الوعي الإيماني في السنوات الأخيرات لقدر من التشويه والانحراف؛ فصار في حس بعض الناس موسماً للتسوق والتفنن في الأكلات والوجبات، وعند آخرين مهرجاناً للأفلام والمسرحيات التي تقيء بها الفضائيات، ويقترن عند طائفة بذكر النوم والكسل وترك الأعمال والواجبات!! وكل هذا وذاك باطل ما أنزل الله به من سلطان، ولا كان من شأن أهل الإسلام، وإنما طرأ على مجتمعاتهم في غيبة من العلم وغفلة من الذكر، وهجمة من الذين يتبعون الشهوات
أنشد بعض السلف:
أتى رمضان مزرعة العبــاد
لتطهير القلوب من الفساد
فأدِّ حقوقه قولاً وفعـــلاً
وزادك فاتخذه للمعــاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها
تأوه نادمـاً يوم الحصـاد
ولم يزل الصالحون يشبهون رمضان بالمزرعة، وحلولَه بالموسم، ومن شأن ذلك أن يستغل. قال ابن منظور: (استغلال المستغلات أخذ غلتها).
ولا يتم هذا الاستغلال، بشكل تام، إلا بتحقق ثلاثة أمور:
الأول: التهيؤ الإيماني لاستقبال هذا الشهر؛ بأن يورد المسلم على قلبه المؤثِِّرات الإيمانية من المحبة، والخوف، والرجاء، التي تؤهله لاغتنامه بالعمل الصالح.
الثاني: التخطيط الجيد للوقت، ورسم برنامج يومي متوازن لتحقيق المقاصد المختلفة.
الثالث: العلم الشرعي بمحبوبات الله ومراضيه التي ينبغي السعي في تحصيلها في هذا الشهر. وقد اجتمعت في هذا الشهر الكريم أمهات العبادات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق